’
أظهرت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا الأميركية إمكانية تحسين الذاكرة البصرية قصيرة الأمد لدى المسنين عبر برنامج محدد، وذلك في أول محاولة من نوعها لقياس الأداء العقلي مع تغيرات النشاط العصبي الناجمة عن برنامج التدريب الإدراكي.
فقد تدرب مشاركون مسنون أصحاء على لعبة فيديو مصممة لتعزيز الإدراك البصري حيث تبين بعد عشر ساعات من التدريب، أن قدراتهم الإدراكية لم تتحسن بشكل ملموس وحسب بل ازدادت أيضا دقة ذاكرتهم البصرية الآنية 10%، مما يقربهم من أداء أدمغة الشباب.
يشار إلى أنه لا يوجد سوى عدد قليل من برامج التدريب الذهني التي خضعت لتقييم دقيق للتحقق من تأثيرها الإيجابي فيما يتعلق بالذاكرة الآنية المسؤولة عن حفظ المعلومات بالدماغ لفترات قصيرة، وهي ضرورية لإنجاز المهام الفورية مثل التحادث مع عدة أفراد.
وشارك في الدراسة مجموعتان من مسنين لا يعانون أعراض الخرف وتراوح أعمارهم بين ستين و89 بمتوسط 72 عاما، ومعظمهم جامعيون من الطبقة الوسطى حيث شاركت المجموعة الأولى بالتدريب والثانية للمقارنة كما أجريت للأخيرة اختبارات الذاكرة بدون تدريب بصري مع الإشارة إلى نطاق لياقتها الذهنية يضاهي المستوى الإدراكي المعتاد للمسنين.
طبيعة التدريب
وتلقت المجموعتان اختبارا أوليا للذاكرة الآنية، يتطلب مراقبة نقط متحركة عبر شاشة حاسوب متبوعة بمهلة قصيرة، ثم يعاد الاختبار للتحقق من تذكرهم لاتجاه حركة النقاط.
ووفق نتائج الدراسة -التي نشرت بدورية مكتبة العلوم العامة- تكرر اختبار الذاكرة للمجموعتين بعد مشاركة المجموعة الأولى في تدريب بصري إدراكي لعشر ساعات طلب فيه من المشاركين التمييز بين أشكال مختلفة تظهر على شاشة الكمبيوتر.
وتم تصميم برنامج التدريب لتحسين مستويات مهارة المشاركين على نحو ترتفع فيها صعوبة المهام تدريجيا حيث تستمر التدريبات أربعين دقيقة لكل مرة، وتعطى من ثلاث لخمس مرات أسبوعيا، لفترة تمتد بين ثلاثة وخمسة أسابيع.
وقد تحسنت قدرة جميع المشاركين المتدربين على تمييز مختلف الأشكال المتحركة بعد أن قام الباحثون بقياس تحسن الذاكرة بعد أسبوع من انتهاء التدريب الإدراكي البصري، لكن لم يقـيم الباحثون مدة استمرار تحسن الذاكرة بعد انقطاع التدريب.
تفاؤل بالمستقبل
ويتطلع الباحثون بتفاؤل كبير نحو تطوير الفكرة على افتراض إن كان التحسن في مهارة إدراكية بسيطة يمكن نقله إلى وظيفة إدراكية عليا كالذاكرة، فإن الأفق يبقى مفتوحا لرفع أداء وظائف الدماغ الأخرى لدى المسنين.
وما قد يعزز هذا التفاؤل أن الباحثين سجلوا نشاط أدمغة المشاركين في الدراسة قبل وبعد التدريب الإدراكي البصري ولاحظوا وجود صلة مباشرة بين تحسن الأداء وتغيرات نشاط الدماغ.
فقد تبين أن نشاط الدماغ -بعد التدريب- تراجع بمنطقة رئيسة ذات صلة بمعالجة المدخلات البصرية فيما أظهر الأشخاص الأكثر تحسنا في التدريب البصري، انخفاضا ملموسا في النشاط العصبي، مما يعني أن الدماغ لم يعد مضطرا لتجشم المصاعب ليستوعب المعلومات.
وبحسب الدكتور آدم غزالي -أستاذ الطب العصبي والنفسي والفسيولوجيا ومدير مركز التصوير العصبي بالجامعة والمؤلف الأول للدراسة- فإن لدونة أدمغة المسنين وقابليتها للتشكل لا تختلف عن أدمغة الشباب، حيث يتغير الدماغ استجابة للتدريب المركز.