تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: بعد الضيق يأتى الفرج _ عبرة وأى عبرة!!! السبت 1 يناير - 11:13 | |
|
بعد الضيق يأتى الفرج _ عبرة وأى عبرة !! الدنيا محل اختبار وابتلاء، ودار امتحان واصطفاء،
قال تعالى: الم * أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ
يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ *
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ [العنكبوت: 1-3].
فهذا يبتلى في دينه, وهذا يبتلى في أهله وأبنائه, وهذا يبتلى في جسده وصحته, وهذا يبتلى في ماله, وهذا يبتلى في وظيفته, وهذا يبتلى في جاهه وسلطانه, وهذا الابتلاء هو الذي يبين معادن الناس، فيثبت على الحق أهل الإيمان والتقوى، ويزل عن الطريق أهل العصيان والنفاق. فالابتلاء إذًا سنة كونية لا يخلو منها بشر فضلاً عن أهل الإيمان وأولهم الرسل عليهم الصلاة والسلام... فكم لاقوا من شدائد؟ وكم جابهوا من محن؟ وكم صبروا على البلاء؟ وكم ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، فما يئسوا ولا جزعوا ولا استكانوا لعدوهم؛ بل جاهدوا في الله حق جهاده، وصدقوا في ميدان الصدق، وثبتوا في ميدان الثبات، حتى جاءهم نصر الله، وأدركتهم رحمته، فقطع دابر الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين. ابتلاء سيد الخلق: وقد ابتلي رسول الله صل الله عليه وسلم أعظم ابتلاء، وأوذي أشد الأذى وهو راضٍ صابر محتسب، متوكل على ربه، راغب في مرضاته. قال ابن الجوزي: «من أراد أن يعلم حقيقة الرضا عن الله عز وجل في أفعاله، وأن يدري من أين ينشأ الرضا؛ فليتفكر في أحوال رسول الله صل الله عليه وسلم. فإنه لما تكاملت معرفته بالخالق سبحانه، ر...أى أن الخالق مالك، وللمالك التصرف في مملوكه. ورآه حكيمًا لا يصنع شيئًا عبثًا، فسلّم تسليم مملوكٍ لحكيم، فكانت العجائب تجري عليه، ولا يوجد منه تغير، ولا من الطبع تأفف، ولا يقول بلسان الحال: لو كان كذا! بل يثبت للأقدار ثبوت الجبال لعواصف الرياح. هذا سيد الرسل صل الله عليه وسلم ، بعث إلى الخلق وحده، والكفر قد ملأ الآفاق، فجعل يفر من مكان إلى مكان، واستتر في دار الأرقم، وهم يضربونه إذا خرج، ويدمون عقبه، وأُلقي السَّلاَ على ظهره، وهو ساكت ساكن. ويخرج كل موسم فيقول: «من يؤويني؟ من ينصرني؟». ثم خرج من مكة فلم يقدر على العود إلا في جوار كافرٍ. ولم يوجد من الطبع تأفف، ولا من الباطن اعتراض، إذ لو كان غيره لقال: يا رب أنت مالك الخلق، وأقدرُ على النصر، فلم أُذلّ؟. كم قال عمر رضي الله عنه يوم صلح الحديبية: ألسنا على الحق؟ فلم نعطي الدنيةَ في ديننا؟ ولما قال هذا قال له الرسول صل الله عليه وسلم: «إني عبد الله، ولن يضيعني» [متفق عليه]. فجمعت الكلمتان الأصلين اللذين ذكرناهما: فقوله صل الله عليه وسلم : «إني عبد الله» إقرار بالملك، وكأنه قال: أنا مملوك يفعل بي ما يشاء. وقوله صل الله عليه وسلم : «لن يضيعني» بيان حكمته وأنه لا يفعل شيئًا عبثًا. ثم يُبتلى صل الله عليه وسلم بالجوع فيشد الحجر، ولله خزائن السموات والأرض. ويقتل أصحابه، ويشج وجهه، وتكسر رباعيته، ويُمثّل بعمه، وهو ساكت. ثم يرزق ابنًا ويسلب منه، فيتعلل بالحسن والحسين، فيخبر بما سيجري عليهما. ويسكن بالطبع إلى عائشة رضي الله عنها، فينغص عيشه بقذفها. ويبالغ في إظهار المعجزات، فيقام في وجهه مسيلمة والعنسي وابن صياد. ويقيم ناموس الأمانة والصدق فيقال: كذاب ساحر. ثم يعلقه المرض، فيوعك كما يوعك رجلان وهو ساكن ساكت. ثم يشدد عليه الموت، فيُسلب روحه الشريفة، وهو مضطجعٌ في كساء ملبد وإزار غليظ، وليس عندهم زيت يوقد به المصباح لَيْلَتَئِذٍ! هذا شيء ما قدر على الصبر عليه كما ينبغي نبي قبله، ولو ابتليت به الملائكة ما صبرت»!. ولكن ماذا بعد هذا الضيق والشدائد؟ ماذا بعد هذه المحن والمصائب؟ ماذا بعد هذا الصبر والثبات العظيم؟ ماذا بعد هذا التوكل والرضا؟ جاءه الفرج من الله... جاءه النصر المبين... جاءه المدد من السماء... إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ
آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر: 51].
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [آل عمران: 123].
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور: 55].
وهكذا عاقبة الصبر والثبات والتوكل والرضا؛ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف: 13]. بأبى أنت وأمى يا حبيبى يا سيدى يا رسول الله صل الله عليه وسلم اللهم إجعلنا من المؤمنين
المبشرين بالنصر.
| |
|