البدانة لا تزال مشكلة تستعصي على الحل
تعمل 94 شركة دواء عالمية على تطوير 176 نوعا من كبسولات إنقاص الوزن، وتتسابق هذه الشركات للوصول إلى كبسولة آمنة وفعالة لتحقيق هذه الغاية.
يأتي ذلك بعد أن انتشرت البدانة بشكل كبير في العالم حيث يعاني منها في الولايات المتحدة وحدها 44 مليون شخص (60 مليونا وفق تقديرات أخرى).
وأنفق هؤلاء في العام الماضي وحده على الأدوية والمستحضرات والتمرينات المضادة للبدانة 41 مليار دولار، وهم يدركون خطورتها ومستعدون لدفع أي ثمن من أجل التخلص منها.
ففي العام 1991 أجرت جامعة فلوريدا بالولايات المتحدة استبيانا لسبعة وأربعين شخصا من المصابين بالبدانة، قال معظمهم إنه يفضل أن يصبح أعمى أو أصم على أن يزداد وزنه أكثر مما هو عليه.
وفي استبيان أجري مؤخرا في الولايات المتحدة، عُرضت على تلاميذ المدارس صور لأطفال معاقين (مشلولين أو لا يتحركون إلا بعكازات، أو مبتوري الأيدي) ثم عرضت عليهم أيضا صورة طفل بدين، فاختار التلاميذ صورة الطفل البدين باعتبارها أسوأ هذه الصور وأكثرها كراهة.
وعندما تسود مثل هذه الثقافة، فإن من الطبيعي أن تتسابق شركات الدواء لإنتاج أدوية إنقاص الوزن، لدرجة أن مجلة "بيزنس-2" المهتمة بعالم المال والأعمال قد أفردت تقريرا مطولا في عدد الشهر الماضي تتناول فيه اقتصاديات هذا السباق.
وتسعى معظم شركات الدواء إلى تطوير مضادات أو مثبطات للجوع، وتتبع كل شركة مسارا أو أسلوبا مختلفا عن الشركات الأخرى، كما تتكتم على ما تصل إليه من نتائج.
فشركة فايزر مثلا أنفقت الملايين على استخلاص "مضاد للجوع" هو خليط من نبات الصبار ولُعاب أحد القرود الأفريقية، ولكنها عدلت عن المشروع لعدم جدواه، ولا تزال تبحث عن أساليب أخرى.
ويقوم باحثو شركة إيلي ليلي بالعمل على هرمون لتنظيم الشهية، وذلك بالتحكم فيما يسمى "هرمون الجوع" (غيريلين). فكلما زاد هذا الهرمون في الدم كلما شعر الإنسان بالجوع.
وفيما تعمل شركات مثل ريجينيرون وسانوفي الفرنسية على تطوير دواء عن طريق تعطيل عمل مستقبلات المخ العصبية المسؤولة عن إثارة الشهية، أنفقت شركة أمجين 20 مليون دولار لترخيص استغلال اكتشاف هرمون يعطي الشعور بالشبع.
أما شركة غلاكسو سميث كلاين فتعمل على تطوير دواء يختلف جذريا عن الأدوية الأخرى، فهو ليس مضادا للجوع، وإنما يعمل على "حرق" النشويات الزائدة قبل أن تصل للكبد وتتحول إلى دهون.
ومع تعدد المحاولات في هذا الإطار فإن الاختبارات المبدئية على بعض منها أثبتت أن لها أعراضا جانبية، لكن الشركات تواصل التطوير لتقليلها حتى يحصل الدواء على الرخصة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وقد يستغرق هذا السباق 5 إلى 10 أعوام، ولكن المؤكد أنه لن تربحه شركة واحدة، فطبيعة الجسم البشري التي تقاوم الجوع على أكثر من مستوى تستعصي على الانصياع لدواء واحد.
ويعتقد الخبراء أن الأمر سينتهي بتعاطي المريض لمجموعة من العقاقير، يتعامل كل منها مع أحد حيل الجسم البشري لمقاومة الجوع. كما يأمل البعض في أن فك الشفرة الوراثية للإنسان (الجينوم) سيمكن الأطباء من تحديد سبب واحد أو رئيسي للبدانة لدى كل مريض، ثم يوجه دواء واحد لعلاج ذلك السبب.